درء المخاطر في جبر الخواطر بقلم :حسام الدين أحمد

 مقالة

درء المخاطر في جبر الخواطر

                 بقلم :حسام الدين أحمد 


في كل زمان ومكان يحتاج الإنسان للإحسان فعلاً كان أو قولاً، فمهما علا شأنه او كثر ماله واتسعت أفكاره... فلابد من لحظات تضيق فيها الأنفس وتسوء الأحوال، لتطلب القلوب بعض الهمسات وتحلم الأرواح ببعض اللمسات لازالة ما سببته الأيام على تلك القلوب والأروح من غبار الهم وبعض الاحزان. 

هنا يبرز خُلق "جبر الخواطر " لإعادة التفاؤل والأمل للإنسان فمعونة الناس والرفق بهم، والاحسان إليهم من أجمل صفات الإنسانية... وهي من أسباب النجاح فسعادة المجتمع أساسها سعادة الأفراد، فكما أن الامة تبنى من خلال إصلاح الفرد والأسرة كذلك المجتمع الناجح هو من ينتشر فيما بينهم الألفة والمحبة والتآخي. 


فجبر الخواطر تدفع المخاطر وتعالج القلوب، وهو خلق جميل لا يحتاج أحياناً منا الكثير! لا جهد ولا مال ولا مقدمات، فابتسامة في وجه أخيك صدقة، و احترام الكبير والعطف على الصغير هو خلق الانبياء، و الإحسان إلى الغير عبادة، والسعي في حاجة الأرامل واليتامى والأطفال و الفقراء هو جبر لخواطرهم فكم صاحب هم زال همه، وكم صاحب مصيبة هانت عليه مصيبته وكم صاحب حاجة استغنى عن حاجته، كل ذلك حدث بسبب كلمات ومواقف قلبت القلوب و أصلحت  النفوس وطيبت الخواطر. 

فكيف يغفل بعضنا عن هذه المشاعر و الأحاسيس التي تدخل السرور والأفراح للقلوب والأرواح فتطيب خاطرها! فقد جبر الله تعالى خاطر الأنبياء والأولياء و الصالحين كل حسب درجته... فمنهم من بيَّنَ لهم ذلك، ومنهم من أرسل لهم بها البراهين و العلامات! 

وقد جبر الله تعالى قلب النبي محمد صل الله عليه وسلم ليلة الإسراء و المعراج لما أصاب قلبه من الحزن قبل تلك الليلة، كذلك حين قال له( فلنولينك قبلة ترضاها). 

فقد سئل أحد الصالحين عن إدخال السرور لقلوب الخلق فقال : ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه مثل جبر الخواطر، فجبر الخواطر من أجمل الأخلاق فتدل على صفاء النفوس و عظمة القلوب وسلامة الصدور ورجاحة العقول، فما أجمل ذلك الخُلق الذي به يجبر الإنسان نفوساً كسرت وقلوباً فطرت و أجساداً أرهقت. 

وما أعظم الأحزان والمآسي التي مر بها يعقوب ويوسف عليهما السلام بين البعد و الفراق وكم توقدت بينهما حراره الاشواق، فصبرا.. فجاء جبر الخواطر لهما من الله تعالى فأصبح يوسف عزيزاً لمصر بعد ظلمات البئر و قضبان السجون، وعاد ليعقوب بصره وأولاده. 

ولنا في شعائر ديننا الحنيف علامات وآيات كثيرة لجبر الخواطر، فتعزية أهل الميت ومواساتهم، وكذلك الأعياد بما فيها من ذبح للأضاحي وكذلك زكاة الفطر و زكاة الاموال... كلها هي جبراً للخواطر وكذلك الشعور بالغير والسعي في قضاء حوائجهم و الإعتذار والتسامح والعفو هي صفات تحيي القلوب وتداويها. 

فسعادة القلوب في جبر الخواطر والكلام الجميل و الثناء والدعاء و الإحساس والشعور والسؤال عن الحال والمساعدة و الإبتسامه و المصافحة والمعانقة والمشاركة في الأفراح والمواساة في الاحزان كلها هي جبر لخواطر العباد. 

والله سبحانه وتعالى قد جبر الفقر بالغنى والمرض بالصحة والخيبة بالأمل والخوف بالأمن... وما أجمل ما قالته السيدة خديجة للنبي محمد صل الله عليه وسلم لتجبر بخاطره بعد أن نزل من غار حراء وهو يقول لها :  زَمِّلوني زَمِّلوني،  فقالت له : كلا والله ما يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم و تقري الضيف وتعين على نوائب الحق. 


اشد ما تعاني منه القلوب هو كسر الخواطر! لما فيه من الآلام والأحزان التي يتجرعها و هو يتقطر دماً لما اصابه. 

فهنيئاً لكل انسان جبر قلباً وأصلح حالاً وسهل أمراً... فلابد أن هذه الصفات الرائعة التي اجتمعت في قلوب نقية! ستجمع لهم الأيام بتلك الحسنات مفاجئات ليخبرهم بها الزمان يوماً ما... لتُجبر خواطرهم كم جبروا خواطر الخلق.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة/ذكريات ورياح 💎 بقلم /طارق حسن السقا 💎

قصيدة/خاب فيك ظنى 💎 بقلم /طارق حسن السقا 💎

سهد وسهاد /راويه عقرباوي