زجاج الفراق /خالد الدسوقي

 بقلمي خالد الدسوقي

العنوان : زجاج الفراق المنكسر 

البشر يولدون دائما من بطون أمهاتهم يحملون بين جوانحهم ووجدانهم شغف معرفة المجهول وإستطلاعه فالإنسان يولد جاهلا لطبيعه الحياة لايعلم ماذا تحتوى هذه الحياه ؟وماذا بها من أشخاص واماكن ؟فيخرج الإنسان إلى هذه الحياه مكتشفا لما بها من أماكن و أشخاص فيقوم بالذهاب إلى إحدى الأماكن فتنال إعجابه فيزداد تعلقه و شغفه بهذا المكان متعلقا به كتعلق الطفل بالألعاب في سن طفولته غير قادرا على الإبتعاد عن هذه الألعاب التى تركت أثرا كبيرا في حياته فعندما يبتعد عن هذه الألعاب أو يحدث لها شيء يسبب إفتراقه عنها يصيبه الألم الشديد الذى يجعل قلبه يبكى قبل عينيه لشده تعلقه بهذه الأشياء الصغيرة التى كانت غريبه فاحبها الطفل وتعلق بها تعلقا شديدا فأصبحت جزء من حياته كذلك هم البشر دائما فهم يواجهون في حياتهم أشخاصا غرباء يتعلقوا به كثيرا بمرور الوقت لكن هذا التعلق لايدوم طويلا فكما يقولون دائماً الأشياء الجميلة دائما وقتها يظل قصيرا مهما طالت فعندما يتعلق الإنسان بشخص غريب ويرتبط قلبه به ارتباطا كبيرا ثم فجاه يبتعد عنه كافتراق الموت أو افتراق المشكلات فهذا قد يجعل قلب الإنسان ينفطر من البكاء ذلك الفراق الذى تحدثت عنه الكتب السماوية الثلاثة وتحدثت عنه الأحاديث السماوية 

عندما ذكر الرسول عليه افضل الصلاه والسلام حزنه الشديد لفراق زوجته خديجة و حزن فراق سيدنا يعقوب لولده سيدنا يوسف عليهما السلام وكذلك حزن فراق الأصدقاء و فراق الموتى لقد تعددت أشكال الفراق كتعدد أغصان الأشجار المتساقطة في فصل الخريف مجتمعه فوق بعضها البعض بتساقطها عند انقضاء فصل الخريف لكن تظل أقصي أنواع هذه الفراق هى فراق الموتى ذلك الفراق الذى لايمكن أن يعوض أو يلتئم من جديد فلقد انكسر كانكسار الزجاج إلى جزئيات صغيرة لاترى بالعين المجردة تلك الجزئيات التى قد تحتاج محاولة اعاده تجميعها إلى مئات الآلاف من السنوات لتقوم بإعادة تجميعها كقطعه واحده قد تخفق في تجميعها في نهاية الأمر لصغر هذه الجزئيات وحجمها الضئيل كذلك هو الموت الذى يجعل العمر ضئيل للغاية بسنوات قليلة لايمكنك تعويض ايامك التى تذهب من فراقك لبيت كان عمرك ضئيل بحياتك القصيرة  لكن فراق الموتى ينقسم إلى قسمين فهناك من يحزن على حبيبا توفي قبل اكتمال قصته وهناك من يحزن من فراق أحد عائلته الذي تعلق به وعاش ليلا ونهارا بجواره لكن يظل أصعب النوعين فراقا هو فراق فردا من العائلة فهى أقصي أنواع فراق الموتى

تلك هي عباراتى التى تفوهت بها شفتاى عندما شاهدت مثالا أمامى لحزن فراق أحد أفراد عائلة أحد الجيران حيث كان هذا الشخص شابا يافعا معروفا بالصلاح والتقوى بين الجيران ذهب ليحقق طموحه في المملكة العربية السعودية لكن القدر لم يحالفه القدر لتحقيق أحلامه فتوفي جراء حادث سير شديد فحزن عليه أباه حزنا شديدا وكذلك والدته التى أرادت دوما ان تراه متزوجا بفتاه أحلامه محققا أحلامه الورديه 

فما أغرب هذه الحياه القصيرة التى لاتمهل الأشخاص لوداع احبائهم وتحقيق أحلامهم ؟!

فالتاريخ يشهد بأمثالا مشابهه لعائلة حزنت على وفاه أحد أفرادها مفارقون إياه للأبد ذلك الفراق كان للأمير مصطفى  ذلك الأمير الذى كان حب والدته السلطانة مهد فران ووالده السلطان سليمان القانوني  ذلك الأمير الذى كان يتوقع منه العائلة والجيش مستقبلا باهرا لقيادة الدولة لكن القدر لم يسعفه لتحقيق طموحه وأهدافه فلقد تم إغتيال السلطان الشاب مصطفى على أيدى الجلادين الصم والبكم بخيط الحرير الرفيع فحزن عليه السلطان سليمان حزنا شديدا وكذلك والدته السلطانة مهد فران التى ابتعدت عن العامة واعتزلت الحياه واتجهت إلى التضرع إلى الله حزينة على فقيدها 

فرغم اختلاف الزمان والمكان والتاريخ والعصر والحاضر متمثلا بالشاب الذى توفي في المملكة العربية السعودية جراء حادث سير غير محققا لاحلامه بالزواج وتحقيق حلمه والماضي متمثلا بالأمير مصطفى التى توفي غير محققا أحلامه  بقيادة الدولة إلا أن كلا من الحاضر والماضي قد اجتمعا عند نقطة واحدة إلا وهى ألم الفراق لأفراد العائلة .