الخال عمران/فادي_زهران

#فادي_زهران

فادي زهران⁦✍️⁩

( الخال عمران )

كانت عائلةٌ لطيفة  .. خلافاتهم إن وُجِدت طفيفة .. كانت حياتُهم بسيطة .. دون أيّ عوائق شديدة محيطة .. كلٌّ يقوم بواجباته .. و الوالدين يلبّيان لكلّ فرد إحتياجاته .. حتى حدث ما لم يكن في الحسبان .. و أدّى إلى إدخال الخوف و انعدام الأمان و فقْد الاطمئنان ..

كانت هناك عائلة مكوّنة من خمسة أفراد : أب و أم و ولدين و بنت ..  كان الأب يعمل موظف في هيئة سكة حديد القطارات .. و كانت الأم ربة بيت بسيطة .. و كان الابن الأكبر يدعى رشيد  في المرحلة الجامعية من الدراسة .. و كان الابن الثاني يدعى سامي في الصف الرابع الابتدائي .. و كانت الابنة تدعى سمر في الصف الثاني الابتدائي .. كان لدى العائلة خال واحد يدعى عمران أعزب يعيش في مدينة بعيدة تحتاج للسّفر بالقطار من ساعتين و نصف إلى ثلاث ..
كان خالهم يزورهم مرة واحدة كلّ سنة .. فقد كان يعمل في مجال التدريس .. و كان يأتي في العطلة الصيفية عند بيت أخته .. ف يقيم يومين الى أربعة ثم يعود .. هكذا كانت عادته .. و كانت العائلة جميعها متعلّقة به .. فقد كان دائماً يحدّثهم عن مغامراته عندما كان يدرس و يقيم في إحدى الدول الأجنبية .. و كان كثير القصص .. محباً للمزاح ..

في إحدى المرات بعدما انتهت السّنة الدّراسية .. و كانت العائلة في انتظار الخال عمران .. ف الأب يعتبره صديقه و كان يحبّ أن يلعب معه لعبة الورق .. و الأم تعتبره ما تبقى لها من أسرتها المتوفاة .. و رشيد يعتبر خاله أخيه الأكبر و صديقه أيضاً يستشيره في كثير من الأمور  .. و سامي و سمر يعتبران قدوم الخال هي بمثابة نزهة و أجواء مليئة بالبهجة و الضحك ..

تأخّر الخال عمران عن موعد قدومه المعتاد أربعة أيام  .. شعر الجميع بالاستغراب .. تأخّر عشرة أيام أخرى .. أحسّت العائلة بالريبة .. بعدها غاب الخال عشرين يوماً إضافياً .. كان الخوف و القلق الشّديد قد خيّم على بال الأسرة .. أين الخال عمران ؟! ما الذي أخّره ؟! ماذا حدث معه ؟!

في أحد الأيام بينما كان الأب يعمل في هيئة سكة الحديد .. إذا به يسمع أصوات أشخاص و قد تجمّعوا على شيئٍ ما !! .. ذهب أبو رشيد ليرى سبب هذا التجمّع .. عندها أصابته الدهشة بعدما رأى الخال عمران مرمياً على الأرض .. بثياب متّسخة ممتزجة بالدّماء .. و نَفَسه يكاد أن يكون خفيف جداً .. عندها تعاونوا على حمله .. ذهبوا به إلى الطّبيب .. عالجه .. أخبرهم الطبيب أنه ما يزال على قيد الحياة .. لكنّه أُصيب ببعض الكدمات و الجروح الشّديدة مع بعض الكسور الخفيفة .. أصرّ أبو رشيد أن يأخذه إلى منزله لتطمئن أسرته ..  فُجِعت العائلة و صُدِمت .. .. تناوبوا على تمريضه .. ساعات و أيام .. الأم تبكي تارّة على أخيها و تعتني به تارّة أخرى ..
الأب ينظر اليه ب إشفاق شديد و حزن .. هيّا قُمْ . استعدٔ وَعيك .. أريد أن أغلبك في لعبة الورق .. هكذا تكلّم أبو رشيد ..
 أريد استشارتك في أمر صعب .. هيّا يا خال .. استيقظ .. هكذا ناداه رشيد ..
 نريد أن نلعب معك يا خال هيّا أخبرنا عن قصصك الجميلة .. هكذا تكلّم كلّ من سامي و سمر ببكاء شديد ..
استمروا على هذا الحال أيام و أسابيع .. حتى استعاد الخال عمران وعيه و قواه .. و حاول التّفاعل معهم ك السّابق .. في الجِلسات و الطّعام و الشّراب .. و كلّما سألوه عن سبب الحادثة و سبب تأخّره كان يخبرهم أنّه كان منشغلاً في البحث عن منزل آخر و نقل الأثاث .. أمّا عن الحادثة .. فقد أخبرهم أنّه تعرّض لعملية سرقة و عندما رفض ضربوه بشدّة و سرقوا كلّ نقوده ..  لكن كان هناك شيء مختلف  بدا على سلوك عمران .. خاصّة في اللّيل .. فقد كان بعد أن يخلد كلّ منهم للنوم .. كان الخال يفتح أبواب غرفهم و يناديهم ب أسمائهم ثم يختبئ بعدها يبتسم و يضحك بصوتٍ عالٍ ثم يذهب !! .. ظنّوا أنّ هذه حيلة جديدة من حيله ل إضحاكهم .. حركة أخرى قام بها الخال .. كان يمسك ب السّكين و يحاول اللّحاق ب سامي و سمر حيث كانا يصرخان برعب شدييد .. عندما رأته أم رشيد .. صرخت بقوة .. ف أخبرها عمران أنّه كان يمزح معهما .. موقف ثالث رأته أم رشيد بعينها .. بينما كانت تشرب الماء في اللّيل ف إذا بها تشاهد أخيها عمران و قد فتح مبرّد الثلاجة و أخذ يتناول اللّحوم النيئة ب نهم شديد .. عندما رأته ذعرت و أصابها الرّعب .. لكنّها لم تدعه يرها .. في الصّباح و قد كان يوم عطلة .. أخبرت الأم الأب أن شيئاً ما أصاب عمران و عليهم مواجهته و معرفة ماذا حدث له ؟!..   استيقظ عمران و استعدّ الجميع للجلوس عند مائدة الإفطار .. كان الإفطار بيضٌ و جبنة و قليل من الزعتر و الزيت ب الإضافة للحليب .. تناول الجميع فطورهم و كذلك عمران .. حتى تناول عمران كوب الحليب و قال مع ضحكة غريبة و شرار يخرج من عينيه : ما أجمل لو كان هذا السّائل باللون الأحمر !!   عندها انتفض أبو عمران و كذلك الأم و الأولاد من الدّهشة و الخوف ..  بعد قرّر الوالدان مواجهة عمران بأفعاله ..
 عذراً يا عمران .. أنت فرد رئيسي في هذه العائلة .. لكنّنا نود أن نعرف ما الذي حدث لك ؟! هكذا بدأ أبو عمران بالكلام .
. أخبِرْني يا أخي ماذا حل بك ؟! .. هكذا أضافت الأم ..
ردّ عمران : لم يحدث شيء .. فقد أخبرتكم بكلّ شيء .. و استمرّ على إنكار كلّ شيء واجهته بها العائلة بحجّة أنهم يتوهّمون و يبالغون .. و هدّدهم إذا لم يكفّوا عن سؤاله أنه سيترك البيت و لن يعود اليهم أبداً .. لَمْ تقتنع العائلة ب حججه لكنهم خشوا  أن يستاء ف يترك البيت و يحزن الأطفال ..  ف اضطرّوا لإغلاق الموضوع ..
  و في إحدى اللّيالي بينما كان رشيد في غرفته يدرس للامتحان حتى وقت متأخّر .. سَمع صوت أحد يتحدّث و يبكي  .. فَتح باب الغرفة .. مشى حتى وصل الى غرفة خاله  ليراه جالس على الأريكة يكتب على ورقة و يبكي و يقول : . لا أستطيع .. لا أستطيع أن أستمر في العيش بهذه الحالة .. ما ذنبي إذا كان هناك مخلوق غريب أسنانه طويلة قام بالهجوم علي عندما كنت أسير في أحد الشوارع بجانب بيتي .. ما ذنبي ما ...... و عندها أحسّ الخال أن أحداً يراقبه ف التفت خلفه ليجد رشيد ف ركض إليه بسرعة  عجيبة ك هجوم الوحوش . و وضع يده على فم رشيد و سحبه إلى داخل الغرفة..
م..ماذا هناك يا خال ؟!! دون أن ينظر الى وجه خاله خلفه .. هكذا قال رشيد برعب شديد ..
 لكن الخال لم يكن بوجهه المعهود .. بل كان  وجه مخيف .. عيون جاحظة كبييرة كلّها شرار .. أنياب طويلة و حادة ك السكاكين .. حجم جسده ك نمر عملاق .. جسمه مغطّى بالشعر البنّي الكثيف لكن سرعان ما عاد الخال لطبيعته .. و قرّر مصارحة رشيد بقصّته .. حيث أخبره أنّه تمّت مهاجمته من قبل أحد الوحوش الغريبة .. حيث قام الوحش بعضّه ليكتسب عمران بعض صفاته الغريبة .. مما منعه من القدوم إليهم  بالموعد المعروف .. لكن عمران استطاع إصابته ب إحدى الرصاصات في كتفه بواسطة البندقية اللي كانت لديه من أبيه كما قام نفس الوحش باقتفاء أثره عن  طريق رائحته التي باتت نفس رائحة هذا المخلوق الغريب و تَبِعه إلى أحد القطارات و هجم عليه و  كسر بعض أطرافه دون أن يتجرّأ أحد على إنقاذه .. ليفقد الوعي في القطار .. بعدها حاول النزول من القطار ليجده الناس مَرمي بجانب السّكك الحديدية عند وصوله .. و طلب  الخال من رشيد أن يعاهده ب عدم إخبار أحد بالقصة ..
كان اليوم التالي طبيعي جداً .. فقد حاول الخال عمران ضبط أعصابه .. حتى حلّ المساء .. و زادت تأثيرات الوحش في عقل  الخال .. عندها شعر برغبته بتناول لحم طازج تفوح منه رائحة الدّماء .. فلّم يجد في الثلاجة سوى الدجاج المجمّد .. عندها غضب الوحش الذي بداخله .. لينقضّ على غرف الأطفال الصّغار .. الّذين  ظنّوه يريد اللّعب .. لكنّه بكلّ وحشية هجم عليهم واحد تلو الآخر و الصراخ يعلو البيت و غرز أنيابه في جسدي الطفلين و أكل من لحومهم  ليفارق الحياة سمر ثم سامي .. عندها رآه الأب و الأم و رشيد .. ليستخدم أبو رشيد نفس البندقية  التي وجدوها بين أغراض الخال عمران و التي كانت مخبأة بعناية  و يطلق الرّصاص على عمران فيصيبه و يقتله .. لتتحوّل الغرفة إلى مسرح جريمة مليئة بالدماء ..  و تبكي الأم على طفليها و أخيها .. و يصرخ رشيد : ليتني أخبرتكم بكلّ شيء .. ليتني أخبرتكم ..... !!

فادي زهران⁦✍️⁩

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة/ذكريات ورياح 💎 بقلم /طارق حسن السقا 💎

قصيدة/خاب فيك ظنى 💎 بقلم /طارق حسن السقا 💎

سهد وسهاد /راويه عقرباوي