بوح المرايا /. هزار محمود العاطفي

 ( بوح المرايا )


الصبر قلنا لهذا القلب إذ ضرموا

نيرانَ هجرٍ بروحي سعرها حممُ


فالبعدُ كالموتِ زفراتٌ تحاصرني

والشَّكُ  شوكٌ  وفي  وخزاتهِ ألمُ


والليلُ سرجٌ على صهوِ الأنينِ مطى

يعدو بفكري ويغتالُ ويلتجمُ


لا تخبروا الحبَّ وليبقى الجوى سراً

في ذي الحنايا حديثُ الروحِ منفصمُ


الحزنُ بحرٌ على متنِ العيونِ سجى

والوجدُ موجٌ، وموجُ الشوقِ منهزمُ


تأتي الرياحُ على عكسِ اشتهاءِ لذا

خابت ظنوني ولو في البعضِ نأتثمُ


ويحُ الشكوكِ إذا ما عاقرتْ كأساً

تملئهُ آهً وتسكنُ قعرهُ الضِيَمُ


تجتزُ نفساً بالأفراحِ قد طمحتْ

فلم يداني سرورٌ قلبي أو حلمُ


بكتْ على شُرفِ الطلولِ حنجرتي

والصوتُ مخنوقٌ بمحبرتي ومنبكمُ


صريرُ الوقتِ عربدةٌ بأحداقي

والصبرُ مهترئٌ بأوصالي ومقتضمُ


تلاشى الأفقُ ما عدتُ أبصرهُ

وخطوتي عثرى زلتْ بها الهممُ


بوحُ المرايا أحاسيسٌ مكسرةٌ

ومجدافُ حرفي لكل شعوري يلتهمُ


أقاصيصُ عمري أوتارٌ تضاجعها

ناياتُ دمعي فتحبلُ بالقذى أكَمُ


الشعرُ نبضٌ يسافرُ بين أوردتي

وبعضُ مني بل وطني ولي علمُ


القافُ وحيِّ وفيهِ عبرتي سطرتْ

آياً تلاها كل العربِ والعجمُ


ووحدت قلوبُ العشقِ قافيتي

للسلمِ  جنحتْ فلا حربٌ ولا ظُلَمُ


على إيقاعهِ رقصتْ أمانيهم

وبالرضى وجه الصبحِ يبتسمُ


منهُ تغردُ شفاهُ الحبّ أغنيةً

لا حرَّ قلبٌ ولا سهدٌ ولا شبمُ


سكبتُ حرفي ينبوعاً لهُ نهلتْ

نفوسُ عطشى فأينعَ جدبها السَئِمُ


عرفتُ لوعَ الهوى ولقد كلفتُ بهِ

وفي الضلوعِ  أقامَ  هانئاً  زَخمُ


وكان فرداً  لا ثانٍ  ينافسهُ

وليسَ إلا ودادي جارهُ الكرمُ


أنوار حبي تضيءُ في فواصلهِ

فتسكرُ الروحُ والأحزانُ تختصمُ


وشحوبُ عتمٍ كم نامتْ دياجيهِ

على حصيرِ  التمني بوجهها البَهِمُ


فكان حبي لموحشِ دربها ألقاً

يؤنسُ القلبَ والأرواحُ تنسجمُ


وصادقُ الوعدِ ما يوم نكثتُ بهِ

وجئتُ كُلي تدغدغُ شوقيَ القدمُ


أفضتُ عشقاً وإخلاص الغرامِ لهُ

حتى عيوني عن غيرِ الوفاءِ عموا


والحبُّ إذ لم نزينهُ بإخلاصٍ

يكونُ وثنٌ، فهل حسٌ بهِ الصنمُ


كم قلتُ أعطي لهذا الحبُّ فرصتهُ

ولكم خشيتُ أن أفنى وأنعدمُ


إذ جاءَ يومٌ للهجرانِ يفلتني

ويركبُ البينَ عن أفنائي ينصرمُ


قلبي احتراقٌ سيضرمُ داخلي وأنا

إثرَ الصدودِ مع الآلامِ ألتحمُ


والجرحُ نزفُ الصدورِ حضنُ قافية

رقاعُ جرحِ الشعورِ محال يلتئمُ


هيهاتَ بعضُ القصيدِ بالشفاءِ يَجُدْ

لكنَّ غيثُ المعاني مرهمُ السَقِمُ


الحبُّ نفحٌ من الفردوسِ أنغمهُ

من ذا يريدُ من روعتهِ ينفطمُ


للعشقِ تجثوا قلوبُ الهائمينَ وفي

شباكِ شوقٍ عصافيرُ الهوى نغمُ


يا شاكيَ الجرح كيف الوصل نبلغهُ

والصبرُ عقدٌ منثورٌ ومنقسمُ


هل كان قصري رمالُ الوهمِ بنيتُ بها

أحلامُ عمري أراها اليومَ تنهدمُ ؟!


بموجِ شكٍّ تعافرُ دونَ فائدةٍ

كذا غيابي بموجِ القهرِ يرتطمُ


جاهدتُ كيما سفيني تبقى هادئةً

وشراعُ ودي به الآمالُ ترتسمُ


فهاجَ بحري بأوجاعٍ تخالطهُ

وتمزقَ الحلمُ سيالٌ بهِ الندمُ


رجوتُ رفقاً من معشوق يفتنني

بعد الثقوبِ التي كالت بها التهمُ


وبسطتُ كفي إلى كفيهِ توسلةً

عسى بكفِ الوصالِ الآهَ تنردمُ


خذني منايَ فطولُ البينِ أرهقني

ولستُ أقوى مع الأنواءِ أصطدمُ


واحضنْ حنيناً كم ناشدكَ تُسقيهِ

ولو  بكذبٍ  تُداري  إثمُنا  اللَمَمُ


عيناكَ لحدي وسرُّ وجودي بينهما

أنعمْ بقربٍ فدونكَ لا تطبْ نِعَمُ


يا شمسَ عمري ويا آفاقَ خاطرتي

هلَّا تعود ليبسمَ في الفؤادِ فمُ


وارفق بحالي وقلباً أنت مالكهُ

وارعِ عهودي ففيكَ مسكنُ الشِيَمُ


ولقد أتيتُ بهذا الوجدِ مُحْتَكِمٌ

العدلُ منكَ وأنتَ الخصمُ والحكمُ


يا راحةَ الروح فلتنظرْ لمظلمتي

صنتُ هواكَ فهل للعهدِ تحترمُ ؟


وهل ستمضِ إلى نحو الوفاءِ بهِ

أم أن حبي سيلقى بقلبكَ الصممُ ؟

..........................

د. هزار محمود العاطفي

اليمن

28/3/2021

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قدساه أبشري كلمات الشاعر محمد عبد العزيز

تبعتها /الهادي عباس

بالروح بالدم نفديك يافلسطين / عاطف محمود